29 نوفمبر 2008

أشياء صغيرة

أشياء صغيرة اضطر للتوقف المفاجئ على جانب الطريق السريع استجابة لإلحاحها ، لم يدر ماذا تريد في مثل هذا المكان النائي ، و في مثل هذا الوقت من الصباح الباكر .

تمنى فقط أن تكون بخير ، و ألا يتأخرا على الميعاد .

...

كانت تشعر بتلك الرغبة بداخلها تحرقها ، تجعلها تتوق و تتشوق ، تتمنى و تحلم ، فلما لم تعد تطيق وجدت نفسها تصرخ فيه مطالبة بالتوقف .

كانت سرعته الفائقة تربكها ، و تشعرها بالعجز و الشلل ، و لم تكن تقوى أبدا على التخلف ، و لا على أن تطلب منه أن يبطئ من سرعته .

...

تأملها تنزل من السيارة بلهفة ، تنظر فيما حولها رافعة وجهها الشاحب إلى السماء ، بدت له كأنما هي تتشمم الهواء .

بدأ يفكر في النزول ليسألها عما بها ، و رآها تنظر إلى ما دون قدميها كأنها تبحث عن شيء عزيز فقدته هنا ، ثم بدأت تدور حول ذاتها .

الآن بدأ يشعر بالقلق الحقيقي .

...

أبطأت سرعتها و هي تنزل ببصرها تنظر إلى الحقول الممتدة أمامها ، الألوان و الأشكال تختلف عما اعتادت رؤيته كل يوم ، رائحة الهواء البارد بدت لها منعشة لطيفة .

أدهشتها حقيقة أنها تمر بهذا الطريق بشكل يومي منذ سنين ، و الآن تكتشف أنها تراه للمرة الأولى .

ضيقت عينيها و هي تحدق في تفاصيل الأشياء ، كانت تعب مما ترى لتروي روحها العطشى ، انحنت على جانب الطريق في محاولة لالتقاط أصغر التفاصيل .

...

كان واجبه يحتم عليه أن يترجل الآن ليفهم ما الأمر ، يجب عليه أن يكون بجوارها عندما تحتاج إليه .

فكر أن عملهما لا يسمح لهما بالتواجد معا لفترات كافية ، حتى تلك الأوقات التي يجتمعان فيها لا يجدان الحالة النفسية المناسبة لكي يكونا معا ، ربما عليه أن يخطط لأجازة أفضل لهذا العام ، فكر في هذا و هو ينحني بجوارها يحاول رؤية ما تنظر إليه .

...

كان إحساسها بالفقد ، و الاحتياج ، و العطش ، و الشوق ، كانت كل هذه الأحاسيس تتضح أمامها الآن ، و تتحول إلى حاجة ملموسة لأن تحتضن كل ما تشتاق إليه ، كانت تحتاج إلى أن تمسك بيديها كل ما تقرأ و تسمع عنه من حب ، و دفء ، و حنان ، و رحمة .

لم تفهم كلماته المتسائلة ، و لم تشعر بالقلق المتساقط من بين حروف صوته ، لم تكن معه في هذه اللحظة ، كما لم تكن معه أبدا من قبل .

...

كان قلقه الآن يتحول إلى ذعر مما تفعله ، إنها لا ترد عليه ، و تبدو كما لو كانت قد فقدت رشدها تماما ، جلست بملابسها الفاخرة على الأرض العشبية ، غرست أظافرها في طين الأرض ، اغترفت من الأرض ما يكفي لذهوله .

تلمس الهاتف في جيبه ، لا يعرف بمن يتصل كي يتصرف ، لقد اعتاد أن يحل أي مشكلة بمكالمة واحدة ، و لكنه لا يعرف ماذا عليه أن يفعل ، إنه حائر تماما .

...

تخلت عما في يدها ليضيع في الهواء ، بعدما أمسكته لوقت كاف ، ثم قامت بهدوء لتعود إلى السيارة ، لقد كانت تتحرك بثقة و تصميم ، لقد جعلها مذاق الأشياء الصغيرة تعرف ما تريد تماما .

ابتسمت له ابتسامة مشجعة ، و قالت : "أنا راجعة مصر" .

...

دار حول السيارة و هو مضطرب ، كان يفكر فيما عليه أن يفعله الآن .

 

* اللوحة للفنان محمد حجي

24 نوفمبر 2008

البؤجة الشتوية

بؤجة الخير مرت الأيام ، و مضى على البؤجة الأولى أكثر من ثلاثة أشهر ، و عاد الشتاء ببرده و قسوته ، فهلا عاد أصحاب الخير؟

زرنا في بؤجة الخير الأولى زهراء مصر القديمة ، و تعرفنا على مشاكل منطقة عزبة خير الله و إسطبل عنتر ، و حان الآن موعد الزيارة الثانية للتبرع بالملابس و البطاطين ، و أعتقد أن الكثيرون قرؤوا الدعوة بتفاصيلها على مدونة بيكيا للبيع ، و قوس قزح ، و غيرهما ، و لكنني أحببت أن أذكر بالميعاد ، و أن أضيف بعض المعلومات :

1- تفاصيل ميعاد البؤجة الشتوية في مدونة بيكيا للبيع ، و مدونة قوس قزح

2- مكان اللقاء من مدونة بيكيا للبيع

3- أصداء بؤجة الخير الأولى

4- لمعرفة المزيد عن المنطقة و مشاكلها و المشروعات الحالية : زور موقع حلم إسطبل عنتر

5- للاشتراك في رفع المعاناة عن أهالي المنطقة ، و متابعة أخبارهم ، و التعرف على المتطوعين ، اشترك في :

Stable Antar Facebook Group

لم يفت الوقت بعد لنعين إخواننا في الله و الوطن ، و لنلتقي على خير يوم الجمعة القادم (28 نوفمبر) الساعة 11 صباحا بإذن الله تعالى .

15 نوفمبر 2008

وعكة

وعكة كان الوقت نهارا ، و حركة العالم على أشدها ، و كان هو في القلب من هذه الحركة ، لم يدع في هذا اليوم نشاطا إلا و قام به ، و بدا له كأنما امتلك مفاتح القوة .

بدأ الأمر بسيطا ، ثم اشتد ، أوحى لنفسه أن كل شيئا طبيعيا ، استكمل يومه بنفس الهمة ، و في لحظة واحدة تهاوى .

لقد مر بوعكة صحية ، جعلت من حوله يندهشون كيف لم يشعروا بها قبل حدوثها ، لم تكن هناك مقدمات ، و كان هو صاحب النصيب الأكبر من الدهشة .

مرت عليه لحظات من الألم ، شعر خلالها بالضعف و الحاجة إلى المساعدة ، بحث في ذهنه عن إحساسه السابق بالقوة ، أخذ يتساءل عن أسبابه ، و لكنه لم يجد أيا من هذه الأسباب ، ما كانت القوة إلا مظاهرا و غرورا .

في أثناء تعبه مرت بذهنه خاطرة غريبة : "ترى هل أموت؟" ، لم يكن الأمر يستوجب ، و قال لنفسه : "لا أعتقد أن النهاية ستبدو كذلك" ، و لكنه في الواقع لا يدري كيف ستبدو النهاية ، و خطر له شيء آخر : "عندما تأتي لحظة الموت ، أتمنى ألا أمر بنفس هذا الإحساس من التعب و الألم" ، و لكنه كان يعلم في قرارة نفسه أن لحظة الموت ستكون أشد وطئا .

أحس أن المرض أشبه بالوقوع في البحر من على سفينة ، يناضل في البحر من أجل الحياة – مجرد الحياة ، يناوشه الغرق ، و ينهكه الصراع ، و عندما تمتد له يد المساعدة ، فتنتشله قوارب النجاة ، أو يصل إلى بر الأمان ، يحس وقتها أنه فاز و نجا من الكرب العظيم .

ترى إن أقبلت ساعة النهاية ، هل سيكون عليه أن يفكر في هذه الأشياء ؟ أم أنه سينشغل بأمور أخرى ؟

...

وعكة 1 "ليس هناك داع للقلق" ، قالها الطبيب ، و معها إرشادات العلاج ، إلا أنه مطالب بالتوقف ، و التقاط الأنفاس ، تساءل بقلق : "و لكن هذا يعني البقاء في الفراش!" ، و لم يكن لدى الطبيب استعداد للتفاوض في هذا الشأن .

...

أحيانا يفتقد الإنسان التوازن فيندفع في بعض جوانب حياته ، و يهمل جوانب أخرى ، فيسبب ذلك الاندفاع اختلالا في الحياة كلها يفقده الاتزان ، و يسلبه الاختيار .

و رغم ذلك يكرر الإنسان هذا ، و ينسى أن لديه في النهاية قدرات محدودة ، و عليه أن يسير في حياته وفقا لأولوياته ، و عليه أن يسعى ما وسعه السعي ، و ليس عليه إدراك النجاح في كل نواحي الحياة ، و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

قد يركن البعض منا إلى الراحة و الدعة ، فيخسرون كل هدف في الحياة ، و البعض الآخر منا قد يستنفذ طاقته و حياته في الجري وراء الأهداف ، و قد يحترف بعضنا الشكوى و البكاء و الحيرة ، و لا يفلح حقا إلا من استطاع أن يحدد أولوياته ، و أهم أهدافه ، و سعى لها سعيها ، و علم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .

...

عندما احتدم الموج من حولي ، و وجدت الماء يسد الطريق بيني و بين الحياة ، نسيت قوارب النجاة ، و يئست من ملامسة قدمي لأرض ، و ابتل قلبي بحزن عميق بعمق البحر ، وجدت اسمك يجري على شفتي ، و لهج لساني بذكرك ، و تذكرت بحارا كثيرة سقطت فيها ، و أنقذتني منها بقوتك و فضلك – بحار مرض ، و بحار فشل ، و بحار حيرة ، و بحار يأس ، و بحار خوف ، و بحار وحدة ، و بحار ألم ، و بحار ضعف ، و بحار ملل ، و بحار غباء ، و غيرها الكثير .

يا رب نجني ، و كن ناصري و معيني ، برحمتك استغيث ، أصلح لي شأني كله ، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين .

...

بعد انتهاء الوعكة ، و عودة الأمور إلى طبيعتها ، ظل يذكر ما مر به ، و ما عرف من الحق ، و ناجى ربه من جديد :

يا رب قد تجف قدميّ ، و تسرع خطواتي ، و رغم الأرض الصلبة من تحتي ، إلا أنني أعلم أنها ما هي إلا جزيرة وسط البحار المتلاطمة ، و أن اليم ينتظرني ، و ألا مهرب لي منك سواك .

* اللوحة للفنان محمد حجي

* تحديث : إقرأ باب فى نهاية النفق لأحمد عبد العدل ، و وعكة جنة

10 نوفمبر 2008

اعرف نفسك – في 8 أسئلة

اعرف نفسك مجلة ميكي كنت أهوى في طفولتي الإجابة على اختبارات "اعرف نفسك" في مجلات الأطفال مثل مجلة ميكي ، و كنت أجمع المجلات التي تحتوي على هذه الاختبارات للرجوع إليها ، و أذكر أنني قمت بكتابة النتائج في كراسة خاصة لتكوين ملف شامل عن شخصيتي ، و بالطبع كانت هذه الاختبارات من نوعية : هل أنت منظم ؟ هل تحب البحر أم الجبل ؟ هل أنت اجتماعي ؟ الخ .

بعد التخرج اكتشفت أن الاختبارات الشخصية جزء أساسي في الكثير من الدورات الإدارية ، و منها تصنيف كل متدرب حسب التقسيمات الشائعة عن الذكاء ، أو القدرة على اتخاذ القرار ، أو الذكاء العاطفي ، أو الثقة في النفس ، أو أسلوب القيادة الخ .

ثم جاءت اختبارات (Facebook) لتزيد الطين بلة ! فتجد اختبارا يخبرك أي المغنيين أنت ، أو أي الأدوار يمكنك أن تلعبه في المسلسل الفلاني ، أو أي الشخصيات الكرتونية أنت ، الخ من الاختبارات التي إن لم تكن سخيفة فهي تدخل في باب النكت .

و بقيت النصيحة الخالدة من أيام فلاسفة الإغريق "اعرف نفسك" ، فجميع الاختبارات التي خضعت لها لا تتناول الأسئلة الحقيقية التي أحتاجها لأعرف نفسي .

لماذا يجب أن تعرف نفسك ؟

تبقى الأسئلة المهمة هي تلك التي تدور حول الهوية و المصير ، و يبقى الهدف الأهم هو و ماذا بعد أن عرفت نفسك ؟

إن معرفة حقيقة أي وضع هي خطوة ضرورية للتعامل معه ، و لتطويره إذا كان يحتاج لهذا ، فمعرفة المشكلة هي أولى خطوات حلها ، و بالمثل فإن معرفتك لنفسك لا قيمة لها إلا إذا كنت حريصا على أن تنمي نفسك و تطورها لحل أي مشكلة تعاني منها ، و حتى تحقق ما تريد في النهاية ، سواء كان ما تريده هدفا قريبا ، أو هدفا بعيد المدى .

محاور التطوير

يحتاج كل منا أن يطور نفسه على محور أو أكثر من المحاور التالية :

1. تقليل الضغط العصبي ، و الانشغال الدائم ، و الفوضوية ، و القصور الذاتي ، و تسويف المسئوليات ، و في المقابل زيادة التحكم في الذات ، و النتائج ، و التوازن ، و الترتيب ، و الوضوح ، والتركيز ، و راحة البال .

2. تقليل الخوف ، و الغضب ، و الحزن ، و احتقار الذات ، و القلق العاطفي ، و العلاقات الاجتماعية الفاترة ، و الإحباط ، و في المقابل زيادة الشجاعة ، و الأمل ، و السعادة ، و الثقة في الذات ، و احترام الذات ، و التوافق مع الآخرين ، و المودة .

3. تقليل التفكير السلبي ، و الإحساس بالملل من كل شيء ، و القلق ، و انعدام التميز في أي شيء ، و في المقابل زيادة التفكير الإيجابي ، و الإبداع ، و الفهم ، و الوعي ، و التحمس ، و وضوح الاتجاه ، و الرؤية .

4. تقليل الإحساس بخلو الحياة ، و انعدام معنى كل الأشياء التي تبدو هامة للآخرين ، و في المقابل زيادة الهدف ، و المعنى ، و الرضا ، و الإحساس بما حولك ، و القدرة على الحب ، و الإيمان .

الاختبار

لقد اخترت هنا اختبارا لا يمكنني اعتباره الأفضل بأي حال ، و لكنه يركز على هدفين هامين :

1. محاولة كشف مدى معرفتك لنفسك

2. ما الخطوة التالية التي يجب عليك اتخاذها بناء على هذه المعرفة

أجب عن أسئلة هذا الاختبار ، و منها تستطيع أن تحدد خطوتك التالية ، و هذه الخطوة هي التعامل مع أحد محاور التطوير الأربعة السابق ذكرها :

أولا : تطوير التحكم في نفسك ، أي فيما تفكر ، و تشعر ، و تفعل ، لتغيير حياتك لتصبح ملكك فعلا .

ثانيا : ترويض مشاعرك و أحاسيسك ، أي أسلوب تناولك و فهمك لما يحدث حولك ، و كيفية تفاعلك معه بشكل إيجابي و صحي .

ثالثا : تطوير العقل ، أي ملكات التفكير ، و الإبداع ، و التخطيط لحياتك .

رابعا : النمو الروحي ، أي إضافة عمق لحياتك ، و وعيك بما حولك ، و الاتصال بربك ، و معرفة الغاية من وجودك .

الأسئلة

اعرف نفسك مجلة ميكي سوسو اختر الإجابة المثلى لكل سؤال بالنسبة لك ، و إذا وجدت أن أيا من إجابات أحد الأسئلة لا يعبر عنك فلا تختار إجابة له على الإطلاق ، و إذا وجدت أنك مضطر لاختيار أكثر من إجابة لنفس السؤال فلا بأس من ذلك .

الأول : أعظم تحد أواجهه هو :

أ – حياتي مشغولة للغاية ، و مشتتة ، و فوضوية

ب – أجد نفسي محاصرا بمشاعر قوية

ج – أشعر بالملل ، و كل ما يحيط بي مكررا رتيبا

د – حياتي لا معنى لها

الثاني : أفضل وصف لما يزعجني في حياتي الآن هو الإحساس :

أ – بمشاعر سلبية و مقيدة

ب – بعدم الأمان

ج – بالتعاسة

د – بعدم تحقيق متطلباتي

الثالث : أعمل الآن على :

أ – أن أتقبل نفسي

ب – أن أعبر عن نفسي

ج – أن أحسن من نفسي

د – أن أخدم الآخرين

الرابع : عادة ما أتعامل مع المشاكل ، و مع الحياة :

أ – وفقا لحدسي

ب – باتخاذ إجراءات عملية

ج – بما يتوافق مع منهجي الفكري

د – وفقا لمشاعري

الخامس : الشيء الأكثر قيمة لدي هو :

أ – المصير ، و الطريق إليه

ب – راحة البال ، و النظام

ج – فهم الحياة من حولي

د – الحب ، و صلتي بالآخرين

السادس : أكثر ما أتمنى وجوده لكي أعيش في عالمي المثالي هو :

أ – انتهاء الخوف ، و الصراعات مع الآخرين

ب – انتهاء المشاعر السلبية ، و المقيدة ، و القلق

ج – اكتشاف و تحقيق هدفي في الحياة

د – أن أحيا بشكل أفضل

السابع : أريد المزيد من :

أ – النظام ، و التركيز ، و الانضباط ، و النتائج

ب – الإبداع ، و الفهم ، و الحكمة

ج – الثقة ، و الشجاعة ، و الأمل ، و المودة

د – المثالية ، و التوفيق ، و الصلة الروحية

الثامن : أكثر ما أرغب أن أفعله هو :

أ – أن أفتح قلبي

ب – أن أحقق النجاح في الحياة

ج – أن أعيش على طبيعتي

د – أن أستغل ذكائي بشكل أكبر

و بعد ؟

يفترض أن مراجعتك للإجابات تعطيك فهما أفضل لنفسك ، و لمحور التطوير الذي تحتاج أن تطرقه ، و على العموم ضع إجاباتك في التعليق ، و سوف أقوم بالرد عليها مشيرا إلى المحور الأمثل لك ، من خلال إجاباتك .

هل تعتقد أن هذا الاختبار مفيد ؟ إذا كنت تظنه كذلك فسيسعدني أن تخبر كل من يهمك أمرهم أن يجربوه هم أيضا !

* أعتذر لطول الموضوع .

تحديث : الرجاء الإجابة عن التصويت الموجود في الجانب الأيسر العلوي "ما هو المحور الذي تنوي أن تطور نفسك من خلاله في الفترة القادمة ؟"

01 نوفمبر 2008

نقطة الضعف

نقطة الضعف هل تعرف ما هي نقطة ضعفك ؟

و لكن ما هي نقطة الضعف أصلا ؟

أحيانا أسمع من يقول متواضعا فيما يشبه الغرور : أكبر نقطة ضعف لدي أنني لا أستطيع الكذب – آه و الله !

و أحيانا أخرى أجد من يقول : أنا أعرف نقطة ضعفي ، و لذلك لا يمكنني مقاومتها ، و هي ...

و بدون تسطيح أو تعقيد للموضوع الذي أجهد الكثيرين - فالكثير من الكتب حمل نفس الاسم بداية من فرويد ، و حتى أدهم صبري - فلدينا جميعا نقاط ضعف متعددة و حقيقية ، نعرف بعضها تمام المعرفة ، و نجهل بعضها الآخر ، و لكننا غالبا لا نعرف كيف نتعامل معها .

الفتنة

في اعتقادي أن مفهوم نقطة الضعف يمكن ترجمته ببساطة لفتنة لا يستطيع الإنسان مقاومتها ، فتتحول هذه الفتنة و ضعف الإنسان أمامها إلى نقطة يصعب عليه فيها السيطرة على نفسه ، رغم علمه بالصواب و الخطأ .

و يختلف الناس في نقاط الضعف الموجودة لدى كل منهم ، كما يختلفوا في الفتن التي تعرض عليهم ، و المعافى من عافاه الله من الفتن التي توافق نقاط ضعفه .

و أنت وحدك تستطيع أن تعرف على وجه اليقين أي الفتن أشد تأثيرا على نفسك ، و أنواع الفتن عديدة منها :

  • فتنة النفس و الاغترار بها ، و التضحية في سبيلها بما عداها
  • فتنة الشهوات تعرض صباحا و مساء ، سرا و علانية على الجميع ، من النظرة و الكلمة إلى ما بعدها
  • فتنة الراحة و الكسل ، تسهل على الإنسان التقصير و التخاذل و التباطؤ
  • فتنة السلطان و المنصب ، يبيع الناس أنفسهم و بلادهم من أجلها
  • فتنة الغربة التي يحس بها الصالح عندما يحيا وسط المفاسد ، فتعذبه و تدفعه للفساد
  • فتنة تعرض الصالح للإيذاء بسبب صلاحه ، فتكون نقمته في صلاحه
  • فتنة رؤية الباطل ينتفش ، و تصفق له الجماهير ، و تقبل عليه الدنيا ، فتختل بوصلة الصواب و الخطأ
  • فتنة الإحساس بالعجز تجاه المظلومين و المحرومين ، تخنق الحياة بلا موت
  • فتنة المال بإغراءاتها و ألوانها من حرمان و بخل و سرقة و ربا و تطفيف
  • فتنة الإعجاب بالرأي ، و حب تملق الناس ، و الخوف من انتقاداتهم

و أكتفي بعشرة أمثلة ، فكم فضيلة من عشرة تعطي لنفسك لو تعرضت لكل هذه الفتن ؟ و كم فضيلة منهم لديك و لم تختبر ؟

كيف تتعامل مع نقطة ضعفك ؟

1- تجنب الفتن التي تعلم أنك تضعف أمامها ، فلا تتبع خطوات الشيطان ، و لا تكن ممن يقال لهم "و لكنكم فتنتم أنفسكم"

2- اطلب من الله أن يعافيك من هذه الفتنة ، و أن يعينك عليها إذا تعرضت لها ، و ألا يجعلها نقطة ضعف لديك ، اطلب منه حتى لو كنت بعيدا عنه

3- صاحب من ليست به هذه نقطة الضعف ، فالصفات تنتقل بالمعاشرة

4- أحسن إلى الناس ، و افعل الخير ، و أنصف الضعفاء و المظلومين ، تصبح من جند الحق ، و وليا لله

5- حذر من حولك من هذه الفتنة ، و انصحهم بالتصدي لها ، فهذا يقوي ضعفك تجاهها

6- اصبر

ضعف الآخرين

فضيلة لم تختبر أعود لموضوع فضيلة لم تختبر (أرجو الرجوع إليه لمن لم يقرأه) ، و أقول لاحتمال أن يكون من ينتقد غيره صاحب فضيلة حقيقية ، و لا تمثل نقطة ضعف لديه ، أقول له فضائلك و نقاط قوتك قد تكون نقاط ضعف لدى الآخرين ، و لكن هذا لا يثبت فضلك عليهم !

يجب أن تتذكر أن لديك أيضا نقاط ضعف لم تعالجها بعد ، و أن لديك أيضا فضائل لم تختبرها ، و قد تكون هذه نقاط قوة لا تعلمها لدى من تنتقدهم ، فتكون قد توهمت الفضل بسبب قصور في رؤيتك .

ينبغي ألا نرى الأخطاء ونقاط الضعف في الآخرين ، بينما نغض الطرف عنها لدينا ، و إنما الاعتراف بالخطأ فضيلة ، و التسامح مع الآخرين و إعانتهم على معالجة أخطائهم فضيلة أكبر ، و هي فضيلة كثيرا ما تختبر .

 

* اللوحة للفنان محمد حجي