04 أبريل 2011

دعاء الآخرين



لم نكن أصدقاء ، و لا حتى نعرف بعضنا البعض بالشكل الكافي ، بل كانت العلاقة تقتصر على تحيّات عابرة من آن لآخر ، و التي قد لا تزيد أحيانا عن ابتسامة أو هزة رأس .

و لكن كانت هناك انطباعات تكونت من خلال مواقف قليلة ، انطباعات أعرف أنها لم تبنى على معرفة حقيقية ، و لكنها جعلتني افترضت أن ذلك الشخص متكلف ، يتعمد إخفاء الحقائق ، و ربما به بعض الغرور .. باختصار كانت انطباعات سلبية تجعلني أتجنب التعامل معه .

...

بينما كنت أصلي ، و أثناء السجود سمعت برغمي أنين جاري في الصف ، كان يخاطب الله سبحانه و تعالى ، كان يبث أحزانه و دعاءه بين يدي خالقه ، و كنت أنا شاهدا على الموقف بلا قصد ، و برغم قصر الموقف الخاطف ، إلا أنه بدا مفاجئا و حساسا للغاية بالنسبة لي ، لقد كان كاشفا عن الحالة الداخلية لذلك الشخص الذي لم أكن أعلم عنه إلا القليل حتى لحظات خلت ، فإذا بي أدخل عليه فجأة في محرابه الخاص .

المثير في الأمر أنني وجدت في نفسي تغيرا كبيرا و سريعا جدا لصورته و انطباعاتي عنه ! لقد اكتشفت أنه "إنسان" ، و أنه يخاف و يتمنى و يرجو ، بل اكتشفت أن مخاوفه و آماله تجد صدى في نفسي ، و وجدت نفسي أكتشف أنها تكاد تكون مشتركة بين كثير من الناس أيضا .

...

عندما نظرت إلى الناس من حولي و تخيلت دعاء كل منهم لربه ، بدأت الصورة تختلف في نظري ، شعرت بالألفة لاشتراكنا في المشاعر ، نسيت خلافاتنا فنحن أخوة ، تذكرت القواسم المشتركة في الأهداف و التحديات و الأخطاء ، بشكل ما شعرت أنني "أقرب" إليهم سواء هؤلاء الذين أعرفهم تمام المعرفة ، أو أولئك الذين بالكاد أعرفهم .

إذا نحيت الشخصية ، و الظروف ، و الشكل ، فإننا جميعا متشابهون ، بل لعل أكثر الأمور شخصية في حياة كل واحد منا هي تلك الأمور المشتركة بيننا جميعا !

...

تعاطف مع الآخرين ، و قدّر احتياجاتهم و اهتماماتهم ، فهم بشر ، و هم بالمناسبة يشبهونك تماما ..