25 يوليو 2010

غياب و حضور


غبت كثيرا عن رحايا العمر ، و لم أنساها ، و فاتني الكثير مما لم أقرأه من مقالات و كتب لأصدقائي ، و لم أترك التفكير فيهم قط .

كنت في غيابي حاضرا لذات المشاكل و المشاغل و القضايا التي طرحت و نوقشت ، كانت لدي نفس التساؤلات التي أرّقت الكثيرين ، و وصلت في أحيان كثيرة لذات النتائج التي توصلوا إليها ، و لكنني شغلت عن التواصل و الاتصال .

الاختيار

ينشغل الإنسان في كثير من الأحيان بالعديد من الملفات ، و يصرف طاقاته موزعة بين أودية و سهول لا تؤدي إلى نفس الطريق ، مما يشتت هذه الجهود ، و يمنع الإنسان من الوصول لغاياته .

لقد وجدت أن الانشغال بالحديث عن صلاح الدين مثلا ، و مآثره و تاريخه ، بل وعن الحاجة إليه ، و كيفية البحث عنه ، وجدت أن هذا كله لا يغني عن العمل على صنع هذا الصلاح الدين ! إن الاشتياق إلى قيمة معينة لا يعني التغني بها ، و لكنه يعني في المقام الأول العمل بها ، و من أجلها ، ثم الحديث عن ذلك كله إذا اتسع المجال لهذا و أفاد .

و إذا حاولت اختيار موضوعا للحديث الآن ، فهل أتحدث مثلا عن شنط رمضان الكريم ، أم عن البؤجة الجديدة ، أم عن توقيعات المطالب السبعة ، أم عن كيفية تغيير الإنسان لنفسه ؟ أجد أن هذه الموضوعات جميعا مهمة ، و لكنني لن أتمكن من تغطيتها كلها إذا أردت أن أكون – في نفس الوقت – مشاركا بها .

حملة التغيير

أفضل الآن الحديث عن التغيير العام ، و كل من يشكو حال مصر ، و يطالب بالتغيير ، و يعتبر أنه يقدّر أو يثق في أي من الجمعية الوطنية للتغيير ، أو جماعة الإخوان المسلمين ، أو حزب الغد ، أو حزب الكرامة ، أو حزب الجبهة الديمقراطية ، يجب أن يقوم  بالتوقيع على المطالب السبعة التي اجتمع عليها كل هؤلاء :

المطالب السبعة

1- إنهاء حالة الطوارئ.
2- تمكين القضاء المصري من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية برمتها.
3- الرقابة على الانتخابات من قِبل منظمات المجتمع المدني المحلي والدولي.
4- توفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام لجميع المرشحين، وخاصة في الانتخابات الرئاسية.
5- تمكين المصريين في الخارج من ممارسة حقهم في التصويت بالسفارات والقنصليات المصرية.
6- كفالة حق الترشح في الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية؛ اتساقًا مع التزامات مصر طبقًا للاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية، وقصر حق الترشح للرئاسة على فترتين.
7- الانتخابات عن طريق الرقم القومي، ويستلزم تحقيق بعض تلك الإجراءات والضمانات تعديل المواد 76 و77 و88 من الدستور في أقرب وقت ممكن.

إن هذه المطالب لا تمثل تشجيعا لفريق بعينه بقدر ما تمثل الرغبة في استحداث آليات تغيير دائمة تضمن حرية اختيار من يحكم مصر ، و فوز البرادعي أو جمال مبارك أو أيمن نور أو أيا كان في حد ذاته لن يكون هو الهدف ، بقدر أن يكون المصريون بالفعل مسئولين عن مصيرهم عن طريق هذا الاختيار ، و أن تكون لديهم القدرة على تغيير من اختاروه .

أعتقد أن هذه الحملة هي أهم حدث سياسي يشارك فيه شعب مصر منذ توكيل الوفد للتفاوض باسم الشعب منذ نحو 90 سنة ، و يعتقد الكثير من السياسيين أن المشاركة بالتوقيع بل و بجمع التوقيعات هو واجب وطني بلا شك .

و جدير بالذكر أن نحو ربع مليون مصري قد وقعوا بالفعل على هذه المطالب حتى لحظة كتابة هذه السطور ، و العدد مرشح لتجاوز عدة ملايين ..

و بعد ..

هل أجبت عن كل التساؤلات ؟ و هل أشبعت رغبتي في الكتابة ؟ بالطبع لا ، و أكتفي بأن أقول أن رحايا العمر – كما ترون – متوقفة ، و لا أقول مغلقة ، و لكنها تبقى حتى إشعار آخر أحد المشاريع المؤجلة !