يسهل التعامل مع أخطاء الآخرين ، فالإنكار و الرفض و التعالي من ملامح هذا التعامل . و لكن ماذا عن التعامل مع أخطائنا الشخصية ؟
أخطاؤنا
لنفترض جدلا أنك قد وقعت في خطأ ما ، و كلنا نخطئ على كل حال ، و كان هذا الخطأ كبيرا جدا ، و كنت أنت المسئول عنه ، و قد حان وقت تحمل المسئولية . قد تكون تسببت بخسارة ما لشركتك ، أو نسيت أن تقوم بأداء مهمة ضرورية لإنجاز عملك ، أو تخليت عن شخص ما وقتما احتاج إليك ، بالرغم من أنك قد وعدته بالمساعدة . أيا كان الموقف فإن شخصا ما وثق فيك فخذلته .
لذلك فإن عليك أن تخبره .
إن رد الفعل الانعكاسي في مثل هذه الحالة هو أن تحمي نفسك بقدر استطاعتك ، فعلى حسب حجم الخطأ الذي ارتكبته تكون النتائج ، و التي قد تصل في أقصى مدى لها إلى خسارة عملك ، أو إنهاء علاقتك مع شخص آخر ، أو تشويه سمعتك ، أو ربما أية نتيجة أخرى تخشاها و تحاول تجنبها .
التنصل من الأخطاء
كثير من الناس يتنصل من أخطائه ، فيستخدم كل طريقة ليبعد الشبهة عن نفسه ، أو يحاول أن يقلل من خطورة الموقف ، أو حتى ينكر أن هناك خطأ من الأساس . ستجد الكثير من أمثلة التنصل من الأخطاء في ردود فعلك عند الخطأ ، و أوضح أمثلة لهذه الأساليب في التنصل تجدها في تصريحات السياسيين !
تهدف هذه الأساليب إلى إعطاء انطباعات من نوعية : "لقد حدثت أخطاء و لكنني غير مسئول عنها" ، "لا أحد يدري كيف يمكن لهذا أن يحدث" ، "لا يوجد ما يستحق أن نقلق من أجله" ، "لقد وقعت أخطاء و لكن علينا أن نتغاضى عنها و نتخطاها" ، "لا يمكننا أن نعتبر هذا خطأ" ، إلى آخره .
الاعتراف بالأخطاء
مشكلة التنصل من الخطأ أنه قد يتسبب بالأذى للآخرين ، و بحسب الأخطاء التي تتنصل منها ، فإنك ستفقد مصداقيتك تدريجيا ، و سيفقد الناس ثقتهم فيك ، و خاصة أولئك الذين سيدفعون ثمن أخطائك ، سواء كان ذلك بتوجيه اللوم إليهم ، أو بقيامهم بإصلاح ما أفسدته أنت ، و في بعض الحالات قد تستطيع أن تشتت الانتباه لدرجة أن ما أفسدته لن يتم إصلاحه أبدا !
و في المقابل فإن اعترافك بأخطائك يجعلك أقرب إلى إصلاحها ، بل قد يكون هذا الاعتراف هو أولى خطوات الإصلاح ، و الاعتراف بالخطأ يظهر للجميع أن لديك أمانة و شجاعة ، حتى لو واجهت نتائج مؤلمة .
و أريد أن نحاول سويا اقتراح ما قد يساعد أيا منا على الاعتراف بأخطائه ، و هذه هي اقتراحاتي:
1. ضع نفسك في مكان الآخرين : فكر في الأشخاص الذين تسببت في مضايقتهم أو خيبت أملهم . كيف ترى الأمور من الجهة الأخرى ؟ بماذا تشعر ؟ ما رد فعلك تجاه هذا الخطأ ؟ ما رد الفعل الذي يرضيك من المخطئ ؟
2. تحمل المسئولية : لا تتنصل من خطئك ، و لا تبحث عن ضحية تتحمله عنك ، حتى لو أن هذا الخطأ الذي فعلته كان بسبب تخلي شخص ما عنك ، فأنت في النهاية مسئول عن أخطائك بغض النظر عن سببها .
3. تحمل النتائج : أعلم أن هذا هو الجزء الأصعب ، و لكن أحيانا يفرض علينا أن نواجه المواقف الصعبة . بعض الأخطاء تمر بدون عواقب ، و لكن كن مستعدا لمواجهة نتيجة خطأك إذا لزم الأمر .
4. خطط لرد فعلك : تحملك للمسئولية يعني استعدادك لإصلاح ما أفسدته ، و من الأفضل أن تخطط لهذا . يجب أن تحدد الخطأ الذي وقعت فيه ، و كيف تصلحه ، و كيف تتجنبه في المستقبل .
5. تعامل مع الموقف بصدق : فتظاهرك بالتعاطف الأجوف مع الآخرين لن يعيد الثقة المفقودة ، و لا تحاول أن تظهر نفسك كشهيد ، أنت فقط إنسان مسئول و تتحمل نتيجة أفعالك .
6. إعتذر : هذه صعبة أيضا ، و لكنك قد تبذل مجهودا خارقا لتجمل الموقف ، أو لتخفي خطأك ، بالرغم من أن جملة بسيطة مثل "أنا آسف" قد تكفي جدا ، و تعالج الكثير من المشاعر السلبية .
و مع ذلك لا توجد نصيحة تمنع أسوأ النتائج من الحدوث ، فقد تخسر عملك أو صديقك بالرغم من ذلك ، و لكنك ستحتفظ باحترامك لنفسك ، بدلا من الشعور بالخزي . إن تحملك لمسئولية أخطائك ، و التصرف بشكل صحيح يمهد لك الطريق للتعلم من أخطائك ، و التقدم نحو أهدافك ، و تحقيق أحلامك . و لا ننسى أن الله يغفر الذنوب جميعا بشرط الندم ، و الإقلاع ، و العزم على عدم العودة ، و لا يمكن أن تتحقق هذه الشروط مع إنكار المسئولية .