12 ديسمبر 2009

حلم يتحقق

حلم يتحقق بالأمس كانت البؤجة الجديدة ، لا أذكر كم كان رقمها بين عدد المرات التي اجتمع بها المدونون ليقدموا شيئا (البؤجة الأولى ، البؤجة الثانية) . يقدموا لمن ؟ لله ، لمصر ، لأنفسهم ، أو لهم جميعا . كل حسب نيته . (أقرأ التغطية التفصيلية في روح قلب ماما)

الحقيقة أن التجمع في حد ذاته مطلوبا ، أن يشعر كل منا أن لديه ما يقدمه للآخرين ، و أن ما يقدمه يصنع فارقا بالفعل .

أحيانا ما أسأل نفسي ، هل يمكن أن يتغير واقعنا إذا قدم كل منا ما يستطيع ليساعد غيره ؟ أعتقد هذا .

على هامش البؤجة دارت بعض المناقشات حول العمل التطوعي ، و عن دور المتطوعين ، عن الأنشطة التكافلية ، في مقابل المشاريع التنموية ، و عن دور الجهات الرسمية .

و قبل أن أستطرد أريد من يقرأ هذه السطور أن يعيش في أجواء العمل التطوعي ، أن يعرف أن مشاكل بلادنا ليست في الغذاء و الكساء فحسب ، و أن يسأل نفسه هل أنا مسئول بشكل أو بآخر عن تغيير الأوضاع الحالية ؟

أرجو أن تشاهد الفيديو التالي ، و الذي يتناول حقيقة الوضع كما يرويه بعض من عاشوا تجربة العمل التطوعي في مصر خلال السنوات السابقة ..

الحقيقة أن كل الجهود الخيرية مفيدة ، و مع ذلك فإن المشاريع التنموية تظل الأبقى ، و إن كانت الأصعب ، و تتطلب وعيا فاعلا ، فعلى سبيل المثال فإن محو أمية شاب و تعليمه حرفة قد يستلزمان مجهودا شخصيا من المتطوع ، بالإضافة لنفقات عديدة ، و وقت طويل نسبيا ، في مقابل التبرع المباشر بالمال أو الغذاء أو الكساء لنفس الشخص .

أتمنى أن أرى اليوم الذي تتضافر فيه الجهود الخيرية لتصنع مستقبلا مختلفا لبلادنا ، و لا تكتفي بأضعف الإيمان من فضل الوقت و المال .

ربما كانت أعداد المتطوعين قليلة اليوم ، و لكن الوجوه الواعدة التي أراها في مثل يوم البؤجة تنبئ بمستقبل أفضل ، و على أيدينا نحن .

و ماذا الآن؟ شارك في تحقيق حلم إسطبل عنتر

إهداء

أود أن أهدي هذا الموضوع لكل من وهب عمره أو جزء منه لتحقيق بعض أحلام هذا الوطن ، لن أذكر أسماء محددة من الأسماء الكثيرة التي أعرفها ، و لكنني أشكركم لأنكم ضربتم المثال حقيقي في حب الوطن ، ليس بالأغاني ، أو لعب الكرة ، أو العزف على أوتار استرضاء الجماهير ، و بالتأكيد ليس ببيع الأوهام للناس ، و إنما عن الطريق العمل في سبيل وطن أفضل .

05 ديسمبر 2009

رسالة شخصية

رسالة شخصية في زمن ما قبل الإنترنت كانت الرسالة شيء ملموس ، له وزن و أبعاد فراغية ، و كان الحصول على رسالة مرسلة من شخص آخر يعني الكثير ، منها أنه شخص بعيد في المكان ، أي لا يمكن رؤيته ، و أن لديه شيء ما يريد أن يقوله ، و الأهم أن هذه الرسالة شخصية ، أي تخص الراسل و المرسل إليه فقط .

يمكن القول أن الرسالة كانت تحمل الكثير ، فبالإضافة للمحتوى المكتوب ، يمكنك الاقتراب من الغائب ، فخطه ، و رائحة أوراقه ، و بقع حبره ، بل و أخطائه و تصويباته ، كلها تكوّن الرسالة ، و لا أستغرب عندما أرى من يفتح رسائل قديمة ليستعيد ذكرى شخص ما يفتقده ، فالرسالة تحمل جزءا حقيقيا من كاتبها .

بالإضافة لهذا كله كانت الرسالة تتطلب وقتا و مجهودا و مالا ، و قبل هذا كله كانت تتطلب قرارا ، قد ينفذ في الحال ، و قد يتأخر شهورا .

أنا أظن أن هناك من تدمع عيناه الآن و هو يتذكر رسائل شخصية من هذا النوع .

رسالة غير شخصية

في عصر البريد الإلكتروني تبدل الحال كثيرا ، فإرسال الرسالة مجاني و لا يتطلب أدنى مجهود ، و وصولها فوري ، و احتمالات ضياعها ضئيلة للغاية ، كما أن الرد متوقع في أية لحظة .

لا أبالغ إذا قلت أن هذا أفقد الرسالة الكثير من قيمتها ، أفقدها التلهف عليها و انتظارها ، و أفقدها الجانب الشخصي أكثر من أي شيء آخر ، و لا يبقى إلا المحتوى المكتوب وحده الذي يمثل القيمة الحقيقية للرسالة .

و لكن لم يكن هذا هو التغيير الوحيد ، فالرسالة الإلكترونية الواحدة يمكن إرسالها للكثيرين في نفس الوقت ، اختلف الأسلوب مع الزمن ، و لكن سواء كان هذا عن طريق وضع مجموعة من العناوين ، أو عن طريق القوائم البريدية ، أو المجموعات ، أو الاشتراك في تحديثات المنتديات ، إلخ ، و بغض النظر عن اختلاف الأسلوب فالنتيجة كانت فقدان الرسالة لجانب آخر من شخصيتها ، و هو أن ترسل لشخص محدد ، فالرسالة التي تصلك لم تكتب لك أنت ، و لكنها موجهة إلى مجموعة أنت أحد أفرادها .

رسالة غير شخصية التطور الآخر هو تمرير الرسائل ، فمع كثرة ما يمكن قراءته و كتابته كان تمرير الرسائل هو الحل الأفضل ، و إن كان ذلك أيضا سبب لفقد الرسالة لجانب آخر من شخصيتها ، فالمرسل ليس كاتب الرسالة ، و المستقبل لم توجه له الرسالة الأصلية !

You’ve got mail

عند هذا الحد أتأمل صندوق بريدي ، ففرحتي القديمة بالحصول على رسالة لم تعد كما كانت ، بل أصبح صندوق البريد همّا يوميا ، و أصبح المعتاد ألا أقرأ مئات الرسائل التي تصل إليّ ، فالقليل منها كتبها المرسل ، و نادرا ما يكون قد كتبها لي أنا !

و لذلك أصبحت مهمة تفقد صندوق البريد تشبه عملية الصيد ، أو على وجه الدقة أقرب إلى التنقيب ، لأنك تجد الكثير من الأشياء الجميلة و المفيدة و المسلية ، و لكن القليل منها هو ما يخصك حقا .

مازلت أفرح عندما أتلقى رسالة تخاطبني باسمي و تطالبني برد ! مازلت أبحث عن رسالة شخصية .

و ماذا عنك أنت ؟ هل أنت أكثر حظا مني و تتلقى الكثير من الرسائل الشخصية ؟


* اللوحة للفنان محمد حجي


أصداء رسالة شخصية: