14 سبتمبر 2012

تعدد زوجات النبي


أشهر الشبهات التي أثيرت حول النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان شهوانيا محبا للنساء، استنادا لتعدد زوجاته، وزواجه من عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة في السن، والحقيقة أن السيرة ترد على هذا الادعاء بعدة نقاط:

أولا: كانت وظيفة النبي الأساسية في حياته هي الدعوة، والزواج السياسي من أسرع أساليب توثيق المعاهدات والتحالف إلى يومنا هذا، والدليل على أن هذا كان عرفا عاما أن أحدا من أعداءه الذين عاصروه لم يهاجمه أو يطعن بهذا الزواج في شرفه.

ثانيا: وثق النبي علاقته بكبار رجال دولته بالمصاهرة أيضا، فتزوج ابنتي أبو بكر وعمر، وزوج بناته لعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعا.

ثالثا: كان لتعدد زوجات النبي دور كبير في حفظ الدين ونقل السنة (المصدر الثاني للتشريع)، فلم يكن في حياته الشخصية أسرار كبيرة ولا صغيرة، وامتدت حياتهن بعده عشرات السنين ورووا أكثر من ثلاثة آلاف حديث، تعلمنا منهم كل جوانب حياته وشخصيته.

رابعا: لم ينشغل النبي بزوجاته كما ينبغي لمن كان شهوانيا، فلم يتأخر قط عن صلاة، أو يتأخر عن جهاد، أو يمتنع عن قضاء بين الناس، ولم يترك دعوة، ولا خطبة، ولا جنازة، ولا عيادة مريض.

خامسا: حدد الله للنبي في القرآن من يتزوج، ونهاه عمن عداهم، وكان يتحرك وفقا لمراد الله في هذا الأمر، مثل قصة زواجه من زينب ابنة عمته التي زوجها لزيد، وكان يمنع زيد من تطليقها، ولو كان يريد زواج ابنة عمه لما زوجها لابنه بالتبني أساسا.

سادسا: طبيعة حياته مع زوجاته كانت تتسم بالفقر والبساطة، وليست حياة رغدة، وقد ثبت اعتزاله لنسائه عندما سألته إحداهن شيئا من عرض الدنيا، ثم نزل القرآن يخيرهن بين الصبر والرضا بما قسم لهن الله، وبين أن يطلقهن النبي.

سابعا: كان النبي مثالا للعفة قبل زواجه، رغم أن النساء كن متاحات، ولم يكن هناك شرع أو عرف يمنعه، ثم عاش مع زوجة واحدة أكبر منه لمدة خمسة وعشرين عاما، ولم تتعدد زوجاته إلا بعد تخطيه سن الخمسين لما سبق من أسباب.

أما عن شبهة زواجه بعائشة في سن صغيرة، فتوضح السيرة التالي:
أولا: لم يكن النبي هو أول المتقدمين لخطبتها، أي أنها كانت في سن الزواج وفقا لنموها، ولطبيعة مجتمعها، بغض النظر عن السن.

ثانيا: هذا الزواج كان باقتراح السيدة خولة بنت حكيم على النبي لتوكيد الصلة بالصديق، أي أنها كانت في مرحلة الزواج.

ثالثا: استقبلت قريش نبأ هذا الزواج بشكل طبيعي، ولم تطعن فيه، ولم يطعن فيه يهود المدينة، رغم أنهم لم يتركوا مطعنا إلا سلكوه حتى لو كان زورا وافتراء، مما يدل على أن عائشة لم تكن طفلة.

رابعا: أثبتت عائشة أنها كانت من أفقه المسلمين، وأكثرهم استيعابا لسيرة النبي، وكان النبي يصرح بعلمها وذكائها، مما لا يكون لطفلة دون سن الزواج.

وعذر الذين يثيرون مثل هذه الشبهات أنهم لا يعلمون سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، فما بال المسلمين لا يردون عليها بثقة وقوة؟


التعليقات على فيس بوك

هناك تعليق واحد:

يا مراكبي يقول...

ثمانية موضوعات مُتتالية عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في ترتيب وتنظيم رائعين

أحييك عليهم جميعاً