31 مايو 2008

سر التميز

سر التميز

في بلاد الفرنجة

عندما أزور بلاد الفرنجة أتعجب من النظام و النظافة و أن كل شئ منسق و معتنى به ، و لن أسهب في وصف ذلك فهو شئ غدا مفهوما و معروفا من أيام كتاب بيرم "السيد و مراته في باريس" ، و رغما عني أقارن ما أراه في بلاد العالم الأول ببلاد حضارة 7000 سنة في قول و 5000 سنة في قول آخر ، و أتذكر من يقول إذا كان عندهم جمال الدنيا فلنا الآخرة إن شاء الله ، و هو قول مأثور يقوله كثير منا عندما نتحسر على أحوالنا بالمقارنة بما نراه هناك ، و لكني أعود فأقول لنا الآخرة لو كان ما نفعله هو زهدا في الدنيا و ترفعا عنها ، و لكن الحقيقة أننا فشلنا في الحصول على الدنيا رغم رغبتنا فيها و تكالبنا عليها ، و في المقابل كان أسلافنا سادة الدنيا مع الزهد فيها . تختلط في ذهني الأفكار ، و تتشوش أكثر و أنا أتذكر أغنية "يا مصري ليه دنياك لخابيط ؟"

في المدرسة

عندما كنت تلميذا في المدرسة كنت أحب و أتمنى دائما أن أكون من المتفوقين ، و أتذكر أنني كنت أتحمس جدا قبيل بداية كل عام دراسي و أنوي ان أكون الأول هذا العام ، و كنت أحيانا أحقق هذا بالفعل ، و أحيانا أخرى كان الحماس يفتر بعد الأسابيع الأولى و مع صعوبة المواد الدراسية و مع وجود منافسين أقوياء يتراجع مركزي بينهم . لم أكن أفهم السر في هذا التباين إلى أن اكتشفت أن التفوق يحتاج إلى مجهود مستمر و حماس دائم في سبيل تحقيق الهدف .

في الدعاء

عندما يدعو الإمام "اللهم بلغنا الفردوس الأعلى من الجنة" يهزني هذا الدعاء ، لقد أوصانا به النبي صلى الله عليه و سلم ، و لكني أتسأل في نفسي : هل أستحقه ؟ هل أعمل من أجله ؟ هل استجابة الدعاء أن يمن الله علي بهذه الدرجة دون عمل مني ، أم أن يوفقني إلى عمل يبلغني هذه الدرجة ؟

سر التميز

يجمع بين المواقف السابقة أن جميعها يتعلق بأهداف ، و لا سبيل لتحقيق هذه الأهداف إلا بالتميز ، و سر التميز هو وضوح الهدف ، و العمل و تحمل المشاق من أجله ، و الإصرار عليه ، و الاستعانة بالله لتحقيقه .

يسهل على الإنسان التمني ، و يصعب عليه تكبد المشاق ، و تحمل المسئولية من أجل الحصول على ما يتمنى ، مع أن هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق أمانيه . و هذا هو ما يجعل المتميزين قلة بين الناس ، و هذا هو سبب أن يعيش و يموت كثير من الناس دون أن يتركوا وراءهم أثرا لأنهم آثروا الراحة و الكسل . يقول د. مصطفى محمود في أحد كتبه :

"إن السلالم إلى الأدوار العليا موجودة طول الوقت ، و لكن لا أحد يكلف نفسه بصعود الدرج و الأغلبية تعيش و تموت في البدروم ..

و لو كلف أحد منهم نفسه بالصعود .. و تحمل مشقة الصعود و شاهد المنظر من فوق ، لبكى ندما على عمر عاشه في البدروم بين لذات لا تساوي شيئا و لكنه الضعف الذي ينخر في الأبدان ."

تحرك الآن ! حدد نقاط قوتك ، و حدد أهدافك ، و قرر أن تتميز فيما تريد أن تحققه ، و استعن بالله و لا تعجز .

28 مايو 2008

سعادة الدنيا

سعادة الدنيا

لحظات رائعة ، الخضرة حولي من كل مكان ، متناسقة و أنيقة بشكل يثير الدهشة بقدر ما يثير الإعجاب ، تنتشر في السماء سحب بسيطة تداعب الشمس ، تبقي للسماء زرقتها المحببة ، و لا تحجب عن العالم نور الشمس ، لا يكدر صفحة الهدوء سوى صوت خرير الماء ينساب فيداعب العقل و الخيال فلا يترك مجالا لحزن أو حقد أو قلق أو غضب ، أصوات الطيور و حركتها تمنع اللوحة من أن تكون مملة ، بالأحرى هي تثير التأمل و الطيران بأجنحة التفكير ..

في وسط هذا كله أجد من حولي من أحب ، بلا مكدرات و لا منغصات ، و أتعجب لأنه لا توجد مسئوليات تضطرني لقطع هذه اللحظات كما هي العادة . إن لم تكن هذه هي السعادة ، فما هي السعادة إذا ؟

أين الخلل ؟

رغم كل شئ أجد شيئا في نفسي يرفض الاستكانة و الراحة ، شئ ما يقول أن هناك خدعة . أتلفت ، أبحث عن موضع الخلل فلا أجد شيئا ! على العكس أكتشف جوانب أخرى للبهجة بسبب عدم وجود أي خلل ..

و لكنني في الحقيقة أعرف السبب ، السبب الذي ينغص علي لحظات السعادة ، و هو فكرة أن هذه السعادة مؤقتة ، يالها من فكرة تؤلمني ، أتملص من الفكرة ، أهرب منها ، فأجدها تلوث هذه اللحظات الثمينة . هل هذا معقول ؟ نعم ستنتهي هذه اللحظات ، و ستصبح ذكرى أتمنى أن تعود ، و ربما تنسيني ما تحمله الأيام من آلام ما أشعر به الآن .

راح عقلي يقارن ما بين سعادة الدنيا و سعادة الآخرة ، ما بين المؤقت و المستمر النهائي المؤبد ، ما بين المزيف و الحقيقي ، فقط سعداء الآخرة يمكنهم أن يقروا عينا بما هم فيه ، و لا ينعم سعداء الدنيا إلا بلحظات مسروقة ، مؤقتة ، و مزيفة .

...

إنتهت تأملاتي بانتهاء لحظات السعادة التي أدركت حتى قبل أن تنتهي أنها غير كاملة ، و أخذت أتذكر المسئوليات و المشاغل التي تنتظرني ، و لم يبقى معي من تلك اللحظات التي تبدو الآن بعيدة بعيدة إلا ذكريات سعيدة .

دعاء

اللهم اجعلنا من سعداء الدنيا و الآخرة

اللهم اجعل سعادتنا في الآخرة أكبر من سعادتنا في الدنيا

اللهم لا تجعل سعادة الدنيا تغرنا عن سعادة الآخرة

اللهم اجعل تمام سعادتنا في رؤية وجهك الكريم

و الحمد لله رب العالمين

23 مايو 2008

مدونات مصرية "للقلب"

مدونات مصرية كان اللقاء مختلفا ، أن تلتقي بمن قرأتهم قبل أن تراهم ، هم سكنوا القلب قبل العين ، و كانت مدوناتهم المصرية للقلب ، و ليست للجيب .

الإحساس العام كان إنها حفلة تنكرية ، أشخاص تعرفهم بأقلامهم ، فإذا رأيت وجوههم ظننت أنهم متنكرين ، "انت مين؟ ، "أنا رحايا العمر!" ، "كنت متأكد!" .

الحقيقي و الغريب أني ظننت أنني عرفتهم بوجوههم قبل لقائهم ، فكلما تعرفت على أحد المدونين أو إحدى المدونات أخذت أفكر بدون أن أفصح "أظن أنني أعرفه من قبل .. لست أدري أين أو متى" ، غاب عني وقتها أن القلوب تلتقي عند ربها ، و لابد أن هذا هو التفسير الحقيقي ، فحتى الآن أحاول أن أتذكر أين و متى قابلت أصحاب مدونات إنكسارات ، يا مراكبي ، عصفور المدينة ، لماضة ، و غيرهم و غيرهم من قبل .

لقد سعدت باللقاء بغض النظر عن الأسماء التي نشر لها و التي لم ينشر لها ، و أكثر ما أسعدني هو معنى الحدث ، و الذي أرجو أن يكون بداية ثورة فكرية في بلادنا ، فنرى أيضا مدونات للجيب أردنية ، و سعودية ، و عراقية ، الخ . و أقول بداية ثورة فكرية لأن الفرصة جاءت لكي يدلي الجميع بدلوه ، و ليقرأ الناس رأيا و فكرا مختلفا بعدما تعودوا على الرأي الواحد و الفكر الواحد ، و لتكون لدينا ثقافة اختلاف و حوار ، و لنبدأ في أن نفكر لأنفسنا و لا ننتظر أن يفكر لنا أحد ، و لنبدأ عملية الإصلاح بحركة فكرية و التي هي الأساس المحرك لأي حركة أخرى موازية .

مبروك للمدونين خروجهم من الفضاء الرقمي إلى الفضاء الواقعي .

20 مايو 2008

معجزة

نكد و إحباط و سلبية : كدة تبقى بتفهم !

نكد و إحباط و سلبية يصر البعض على أن الوعي بالمشاكل و مواجهتها يجب أن يكون الغرق فيها و البكاء عليها ، و إذا قلت لأحدهم : تعال نصلح من بلدنا أشار إليك و قال : شوف الإيجابي ... !

لست أدري لماذا يصر البعض على أن الإيجابية نكتة ، و أن أي محاولة للإصلاح إنما هي محاولة ساذجة ؟ قد يكون السبب هو إعتياد الفشل ، أو الإحباط لدرجة اليأس من وجود حل في متناول أيدينا ، و لكن يبدو أن ما يرضي درجة إحباطنا هو أن يأتي الحل عن طريق معجزة .

أنظر إلى الناس في الشارع ، تكلم مع أي إنسان : إحنا محتاجين معجزة . إحضر ندوة ، إسمع مسلسل في الراديو أو افتح حتى محطة رياضية : مافيش فايدة .

لقد وصلنا إلى مرحلة لا تنفع فيها الحلول التقليدية ، إقترب يوم القيامة ، البلد تحتاج للهد لتبنى من جديد ، لم يبقى إلا أن تحتلنا أمريكا أو إسرائيل لكي نفيق ، ... الحقيقة أن كل هذا كلام فارغ .

و آسف أن أقول أن هذا الكلام الذي أصبح يصدر حتى من كتاب و مفكرين لا يمثل إلا إعتذار و استسهال . إعتذار لأننا غير مستعدين للتضحية بأي شئ من أجل أي شئ ، و استسهال لأن تجميع الجهود و وضع خطط و برامج ، و استنفاذ الوسائل الواحدة بعد الأخرى شئ صعب و متعب ، و نحن متعبين أصلا و لا نحتمل المزيد من التعب ، إذا فالشكوى و البحث عن معجزة هما الحل . هل عرفت لماذا يجن الناس حين تظهر شجره مكتوب عليها لا إله إلا الله ، و لماذا ينشرون الخرافات من نوعية حلم الشيخ أحمد خادم الكعبة ؟

الحقيقة

الحقيقة إن فهم مشاكلنا و تحليلها و دراسة أسبابها و نتائجها ليس هدفا في حد ذاته ، و جلد الذات غير مفيد إذا كان لا يؤدي إلا إلى التعذيب و فقط . إنما نفعل هذا كله لنخرج بدروس مستفادة لنتخلص من أخطاءنا حتى لا نكررها ، و لنقوم بإصلاح ما كان منا في الزمان الأول . و الجدل البيزنطي المعتاد هنا يمضي في محورين : الأول أنه لم يكن لنا يد في هذه المشاكل ، و الثاني أنه ليس في إمكان أي منا أن يفعل أي شئ . و قبل أن أسترسل أقول أنني أعي تماما مدى الانحدار و الانهيار الذي وصلنا إليه و أن وضعنا غاية في السوء ، و اقول أيضا أنني لا أدعي أن إصلاح مشاكلنا هو أمر هين و متاح .

و لكن يجب أن نواجه أنفسنا بحقيقة أن ما يحدث من حولنا لن يدفع ثمنه إلا نحن و أبناؤنا من بعدنا ، و أننا شئنا أم أبينا مطالبين بإصلاح هذا الوضع المزري بما استطعنا من قوة و أن نبدأ بسرعة ، و أن هذا الإصلاح سيتم بأسلوب بشري بعيد عن المعجزات و سيتطلب سنين و قد لا يكون قائدنا نبي ، و لكنه قد يكون واحد من الناس غير معصوم من الخطأ و بالتالي سيرتكب قليل أو كثير من الأخطاء .

أريد أن أقول أن مشكلتنا الأساسية هي مشكلة فكرية و ثقافية ، و أن كل واحد منا يتحمل جزءا منها ، فلا تدفن رأسك في الرمال و كف عن البكاء ، إن كل يوم تنتظر فيه المعجزة .. يؤخرها .

* اللوحات للفنان محمد حجي

18 مايو 2008

البحث العربي : محاولة للفهم

البحث العربي في محاولة لفهم توجهات العقل العربي و في اثناء إعداد مقال جديد ، ألقيت نظرة على أعلى مفردات البحث العربي على الإنترنت خلال شهر أبريل الماضي ، و كانت أكثر المفردات – المهذبة – استخداما في ثلاثة من الدول العربية (غير مصر) كالتالي مع محاولتي لتفسير سبب البحث عنها :

  • خلفيات للكمبيوتر : الكمبيوتر أداة مهمة و نستخدمها يوميا ، لا مانع من جعل شكله أفضل .
  • الدستور : ممتاز وعي سياسي غير مسبوق – أم أنهم يقصدون جريدة الدستور ؟ لا مانع أيضا .
  • اضحك : الحاجة للتسلية حق مشروع أيضا ..
  • nicole kidman : بدأنا في الهيافة مبكرا ..
  • حفر الباطن : غريب أن تسبق محافظات أكبر و أشهر ، لكن لا مانع أبدا
  • برامج نوكيا n73 : الموبايل مهم أيضا ، لكن لماذا n73 تحديدا ؟
  • تصاميم : واضح إن الحس الفني عال في بلادنا
  • proxy web : مشاكل أمنية و مواقع محجوبة ؟ مفهوم طبعا
  • vista wallpaper : هذا الموضوع أصبح الشغل الشاغل حقا ، لقد بدأت أحس أن الخلفية عندي مشكلة بالفعل
  • أناشيد إسلامية : هل يعني هذا توبة عن الأغاني الأخرى ؟ أين المطربين بالمناسبة ؟
  • جمهور الاتحاد : الرياضة شئ جميل ، أنا لا أفهم في كرة القدم و لكن من الواضح أنها رابطة رياضية .
  • Masrawy : أعتقد هذه مفهومة للمغتربين المصريين
  • كوووورة : الرياضة من جديد ، و خاصة كرة القدم .
  • Kfupm : يا سلام ، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ، أول كلمة بحث تدل على أن عندنا متعلمين و باحثين .
  • صور شجون الهاجري : لا أدري من هي ، و لكنها المنافسة المحلية و الوحيدة لنيكول كيدمان في القائمة
  • مصرف أبوظبي الإسلامي : أول كلمة بحث اقتصادية ، يا كريم

و للأسف تراوحت باقي الكلمات بين : المحقق كونان ، رسوم ، اغاني شعبيه ، صور صدام حسين ، Airlines ، Gym ، صور فراشات ، cinestar cinemas ، make up games ، صور ، العاب ، كاظم الساهر ، حسام الرسام ، myspace ، amazon ، youtube ، ابراج ..

أنظر إلى القائمة بحسرة و تتأكد لدي القناعة أننا نحتاج إلى الكثير و الكثير بالفعل لنصبح أفضل .

و هكذا أعيد الآن كتابة المقال من جديد !

17 مايو 2008

الحب في الله

قال : إني أحبك في الله

قلت : أحبك الذي أحببتني فيه ، بس مانا عارف

قال : عارف إيه ؟

قلت : إنك بتحبني في الله

الحب في الله

قال باسما : طيب و عرفت إزاي ؟

قلت : لأني أنا كمان أحبك في الله

قال : و هو شرط ؟

قلت : إنت ماتعرفش إن الحب في الله ده معجزة من ربنا ، و إنه من علامات وجوده سبحانه و تعالى ؟

قال : لأ اشرحها لي دي

قلت : شوف يا سيدي من نعم الله سبحانه و تعالى إنه يجعل القلوب المتحابه فيه تتبادل الحب ده و ميتغيرش فيها ، فتلاقي اللي انت بتحبه في الله بيحبك برضه حتى لو لسة متعرفين حالا .

قال : قصدك إيه إنه يخلي الحب مايتغيرش في قلوبهم ؟

قلت : جميع أنواع الحب بتكون مرتبطة بحاجات طارئة و متغيرة إلا الحب في الله ، يعني اللي بيحب عشان الجمال حبه يتغير مع الأيام لأن الجمال بيروح ، و اللي بيحب عشان الصحبة حبه يتغير مع البعد ، و هكذا ، لكن اللي بيحب في الله حبه يفضل ثابت لأنه مرتبط برب العرش .

قال : انت عندك حق فعلا ، يعني إحنا مثلا مش بنتقابل غير نادرا ، و لا حتى بنتكلم في التليفون غير كل كام شهر ، و مع ذلك دايما لما نتكلم أحس إننا كنا لسه مع بعض ، مش باحس بالجفوة و التغيير زي ما باحس مع ناس تانية ..

قلت : و أنا دايما أفتكرك لما أدعو لإخواني و أحبائي في الله .

قال : سبحان الله ، أنا كمان نفس الشئ ، يا أخي الحمد لله على نعمه الظاهرة و الباطنة ، و ربنا يديم الحب ده بيننا ، لكن انت عرفت الحاجات القيمة دي منين ؟

قلت ضاحكا : صلي على النبي .. أنا مرة قلت لواحد عزيز قوي على قلبي إني أحبك في الله فقال لي : أحبك الذي أحببتني فيه ، بس مانا عارف .. فقلت له عارف إيه ؟ .. قال لي عارف إنك بتحبني .......

11 مايو 2008

تحمل المسئولية في ثلاث خطوات

تحمل المسئولية

ليه أتحمل المسئولية ؟

لو كنت عايش في بيئة فاسدة ممكن تلاقي إن سلبيتك هي أفضل طريق للوصول ، و إن ضعف شخصيتك أكبر مؤهلات النجاح ، أو إن كفاءتك و شرفك هم غلطتك اللي لازم تدفع ثمنها ! لكن أخطر شئ هو إنك تفشل مع نفسك ، و تتخلص من مسئولياتك لأنك فقدت الثقة في نفسك ، و فقدت الثقة في تغيير الفساد من حواليك .

الحقيقة الفشل ممكن يكون بسبب ضعف إمكانياتك أو بسبب الظروف اللي حواليك ، لكن ده مش معناه إن انت مالكش دعوة ، لإن ده ببساطة معناه إن انت الوحيد الخسران . الظروف و الأسباب اللي بتؤدي للإحباط من حوالينا جزء منها بسببنا و من صنعنا ، و جزء منها مفروض علينا ، لكن لو إحنا استسلمنا للأسباب دي حنتحول لفاشلين ، و الفشل مايفرقش كثير إن كان بالاختيار أو بالإكراه .

ليه مابقاش زي باقي الناس ؟

التعامل بسياسة القطيع غالبا بيؤدي لنتائج عكسية ، يعني لو كنت بتقلد باقي الناس دايما يبقى غالبا مش حاتنجح أو نجاحك حيكون محدود جدا ، زي نجاح باقي الناس ، و السر في كده إن المتميزين و المتفوقين عددهم قليل بشكل طبيعي ، و ده معناه إنهم مختلفين عن باقي الناس ، فلو انت مشيت ورا القطيع أكيد مش حاتكون متميز عنهم ، بالكثير حاتكون زيهم .

و الحاجة اللي بتخليك تمشي ورا القطيع هو الخوف من الانتقاد ، و الخوف من الاستبعاد نتيجة إنك مختلف ، و ده بيخليك تتحول لواحد في في معسكر المنتقدين عشان تكسّر أي واحد تاني بياخد قراره بنفسه و مستعد يتحمل المسئولية ، فيبقى ذنبه على جنبه لإنه اختار و لإنه لازم يدفع ثمن تحمله للمسئولية ، و ده عشان تثبت لنفسك إنك كنت صح لما رفضت تحمل المسئولية .

تحمل المسئولية

step1 الخطوة الأولى لتحمل المسئولية هي التخلص من مرض الذرائع اللي تكلمنا عنه المرة اللي فاتت ، و ده لأنه بيكون مبررنا الطبيعي للفشل أو لتحميل الآخرين مسئولية مشاكلنا ، و الحقيقة الذرائع دي كثيرة جدا في حياتنا ، على سبيل المثال شئ غريب جدا إن الأغلبية الساحقة من الناس مش واثقين في ذكائهم ! و عادة كلنا بنغلط لما بنقلل من قدر قدراتنا العقلية ، و لما بنبالغ في القدرات العقلية للغير خاصة لما بنفكر مثلا في نماذج لناس ناجحين ، أو لما بنتكلم عن الغرب بانبهار لأنهم متفوقين علينا ، و ده في حد ذاته بيخلينا نتجنب الدخول في أي تحدي ، مع إن المهم هو إنك تستعمل ذكاءك و قدراتك اللي ربنا أنعم عليك بيهم ، بغض النظر عن حجم الذكاء ده أصلا . و نفس الكلام ينطبق على كل الذرائع (الصحة ، التعليم ، السن ، الحظ ، الأهل ، الخ) ، لازم تستغل إمكانياتك كلها بدل ما تدور على المشاكل اللي فيها ، و بالعكس حتكتشف نقاط قوة موجودة عندك أكثر من غيرك .

step2 الخطوة الثانية هي اتخاذ قرارك بنفسك بعد ما تكون درست أبعاده و نتايجه ، عشان تبقى واثق من إنك بتعمل الحاجة الصح ، يعني مايبقاش قرار و خلاص ، إنما لازم تفكر كويس جدا ، و تشوف تجارب الناس اللي سبقوك ، و استشير و استخير ، و حاول تنفذ القرار بأفضل شكل ممكن ، و باستغلال أفضل إمكانياتك المتاحة .

step3 الخطوة الثالثة هي إنك تتقبل نفسك و تواجه نتائج قراراتك بشجاعة و بإيجابية ، في الأول و في الآخر انت بشر و ممكن تغلط ، و يكفيك إنك قادر على اختيار طريقك بنفسك ، و مش حاتتعلم و تبقى أحسن إلا بالتجربة ، و إوعى تفتكر إن حد من الناس اللي انت نفسك تبقى زيهم ابتدى و هو واقف على رجليه أو ماكنش عنده مشاكل ضخمة جدا و أخطاء يمكن أكبر من مشاكلك و أخطاءك .

خللي بالك انت كده كده مسئول عن وضعك ، لكن لما تنفذ الثلاث خطوات دول ، وقتها بس حاتبقى اتحملت مسئولياتك .

هل قرأت مين المسئول ؟

07 مايو 2008

مين المسئول ؟

قطعا كل واحد فينا مسئول عن تصرفاته و أقواله ، لكن هل انت مسئول عن ظروفك؟

لو فكرت في كل واحد أثر فيك أو له فضل عليك ، ممكن القائمة تكون كبيرة ، و يكون فيها مثلا والدك و أستاذك و ناس من أصحابك و غيرهم ، لكن لو فكرت في كام واحد مسئول عن وضعك الحالي حيكون واحد بس .

إحنا بنعيش فترة طويلة جدا من حياتنا و غيرنا بيخطط لنا ، فالمدرسة و أحيانا بعدها الجامعة بتكون الطريق المرسوم لكل واحد ، و بعدين بنصطدم بمفاجأة إننا مسئولين عن اتخاذ قرارات في حياتنا ، قرارات في حجم أشتغل إيه و فين ، و أتجوز إمتى و مين (و الأهم إزاي) ، و هكذا .

حانعمل إيه النهارده ؟

لكن لو تلاحظ معايا حتلاقي إنك بتفضل برضه تدور على حد يختار لك ، حد يشترك معاك أو يشيل المسئولية ، يعني مثلا كل أصحابك راحوا خدوا كورس كمبيوتر تروح معاهم ، عملوا CV جديدة و بعتوها لشركات تاخدها تحط عليها إسمك و تبعت لنفس الشركات ، حتى البنت اللي صاحبك قال عليها باين عليها بنت حلال و طيبة هي اللي بتفكر ترتبط بيها .

طيب كام مرة قررت انت بنفسك تغير شغلك أو تسافر بلد ثانية أو تعمل مشروع أو تجرب تعمل أي حاجة جديدة ؟ طيب كام مرة فكرت في حاجة مش عاجاك في حياتك و كنت مقتنع إن انت السبب فيها و لازم تغيرها ؟ لو كنت مش لاقي أمثلة كثييييرة جدا يبقى انت عند مشكلة . المشكلة اللي بتكتف ناس كثير ، و هي إنك منتظر حد ثاني ياخد القرار ، و يتحمل المسئولية . المشكلة إنك بتخاف تكون مسئول عن خطأ أو فشل أو سوء تقدير . المشكلة إنك تعبت من التفكير و عايز حد يقدم لك حل جاهز .

مين المسئول

يا رب

التوكل على الله هو جزء مهم جدا من عقيدتنا كمسلمين ، و ركن أساسي كمان من ثقافتنا كمصريين و عرب ، لكن كثير من الناس بينسى إن التوكل هو الأخذ بالأسباب و تعلق القلب برب الأسباب ، و كثير من الناس بيكتفي بالتواكل و يبقى مستغرب قوي : هو ربنا مش حايفرجها بقى ! و تلاقيه دايما بيقول حاجات زي : منهم لله ، هم السبب ، أنا بس لو كان بإيدي ، لو كان حد قال لي ، ربنا يخلصنا منهم ، ربنا على المفتري ، ماحدش عايز يساعدني ، أنا مش عارف هم ليه كلهم كده ؟ مع إن كلنا عارفين : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .

في مرض إسمه الذرائع ، يعني كل مشكلة يكون لها ذريعة عندك . مثلا الذريعة إن مافيش فلوس ، أو إن أهلك ماعلموكش كويس ، أو إن صحتك ضعيفة ، أو إن اللي حواليك بيحاربوك ، أو إن مافيش حد قال لك تعمل إيه .

طيب إيه هو الحل ؟ و إزاي الواحد يقدر يتحكم فعلا في حياته و يتحمل مسئوليتها ؟

للحديث بقية إن شاء الله (تحمل المسئولية في 3 خطوات) ، لكن انت شخصيا : رأيك إيه ؟ و لا حتستنى لما حد يقول لك ؟ :)

02 مايو 2008

حوار بين طفل ساذج و قط مثقف

"كانت خصلات شعري شديدة النعومة عميقة السواد ، و كان للقط شعر فضي أشيب يميل إلى الصفرة ، و قد أوقعني الفارق بين اللونين قي البحر فلم أفهم ، ليس سهلا على الجزء الطفل من سواد الليل أن يفهم حكمة البداية الأولى للفجر .. لابد أن يدخل الشعر الأسود دورة الويل و يتحول إلى البياض لكي يفهم .."

قرأت هذا الكتاب للكاتب المبدع أحمد بهجت منذ ما يزيد عن عشرين عاما ، كنت إنسانا آخر حينئذ ، لم أكن قد تعلمت شيئا بعد – باعتباري قد تعلمت الآن ! – و قد كان هذا الكتاب علامة في ثقافتي ، و عندما أراه في مكتبتي من وقتها و حتى اليوم لا أقاوم أن أتصفحه ، و أعدت قراءته كاملا مرات عديدة .

طفل ساذج و قط مثقف هذا الكتاب لا يقارن عندي إلا بالقصة الأسطورية الأمير الصغير ، فعلى قدر بساطة أحداثه و كلماته فهو ملئ بأفكار و أحاسيس لا يفهمها إلا من عاشها ، و هو كذلك يذكرني بقصائد ت. إس إليوت عن القطط !

و قد أتيح لي أن أقرأ هذا الكتاب و أنا طفل ساذج أيضا ، و أتعجب عندما أقرأه الآن من أن الأسئلة السهلة و المباشرة هي فقط ما نحصل عليه في رحلة العمر ، أما ألغاز الحياة و الموت و الحب و الألم و غيرها الكثير فتظل أسرار يعجز عن حلها الفلاسفة و الحكماء .

ما هي الخبرة ؟ هل هي مهارة التعامل مع الأشياء و الأشخاص؟ و ما هي الحكمة ؟ هل هي القدرة على إعادة صياغة الأسئلة بشكل معقد ؟ و من هم الكبار ؟ هل هم القادرون على الكسب و على التعامل مع غيرهم من "الكبار" ؟

"قال القط : الكذب هو ابن الإنسان .. من بين جميع المخلوقات التي خلقها الله فإن أشدها تغيرا تحت ضوء القمر هو الإنسان ، و التغير جزء من الكذب ..

قلت : تحابي جنسك من بني الحيوان .

قال : بل أقرر حقيقة .. لا يكذب الحيوان .. يتصرف بدهاء لكنه لا يكذب .. الكذب يحتاج إلى الإنسان .. إلى رقي الإنسان ."

لم يكن الكتاب مغامرات و حوارات ممتعة بين الطفل و القط فقط ، بل إختلطت فيه الحكايات مع الأساطير و الذكريات مع الفلسفة و الإيمان مع الحيرة بالإضافة إلى الكثير من الكوميديا ، فشكلت رحلة استكشاف لأفكار طفل برئ يرى العالم بعيون مندهشة و يكشف زيف كلام و أفعال الكبار و تناقضها مع المبادئ ، كما يفتح نافذة على معنى الفلسفة في عقول الصغار .

"غاظني القط .. و لكنه كان صادقا .. كنت أتبين داخل نفسي – و أنا أصلي – إحساسا بالانتهازية .. إنني أصلي تحت ضغط الحاجة .. تحت ضغط الغرق .. و من يدري هل أداوم على الصلاة بعد أن أنجو إلى البر ، أم أعاود مسيرتي في الجحود .."

من الأشياء الممتعة لي في الكتاب كذلك أنني كانت لي خبرات شخصية كثيرة و صداقات عميقة مع القطط ، و كنت أندهش لتوافق هذه الخبرات مع ما يذكره الكاتب ، و صدق قطه المثقف حين قال "لا تخون القطط إلا إذا جاعت ، و لا تغدر إلا إذا أحست بالخوف و انعدام الأمان" .

كلما تقدم بي العمر و أتيحت لي الفرصة لأتصفح هذا الكتاب الجميل من جديد تعذبني فكرة أنني لم أعد ذلك الطفل الساذج ، و لكنني أنتمي لعالم الكبار أكثر و أكثر .

"عذري أن شعري كان أسود و قلبي كان أبيض ..

حين انداح العذر و غرق ، و تحول الشعر إلى البياض و نضج ، كان القلب يستعير من الشعر نضج لونه الأسود .."